عدنان بن عبد الله القطان

18 جمادى الآخرة 1443 هـ – 21 يناير 2022 م

——————————————————————————–

الحمد لله رب العالمين، الذي خلق فسوّى، والذي قدّر فهدى، سبحانه وتعالى، صوّرنا فأحسن صورنا، ورزقنا من الطيبات، وإليه المصير، ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له هو الأول والآخر والظاهر والباطن، وهو بكل شيء عليم، ونشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، الرحمة المهداة، والنعمة المُسْدَاة، والسراج المنير، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأزواجه وأصحابه والتابعين ومن تبعهم بإحسان.أما بعد : فأوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله عز وجل، فهي الزاد في الدنيا والآخرة، وبها النجاة يوم القيامة (يَوْمَ لاَ يَنفَعُ مَالٌ وَلاَ بَنُونَ * إِلاَّ مَنْ أَتَى ٱللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ)

معاشر المسلمين: إن الحيـاة الزوجيـة في الإسـلام، تشـكل أساسـاً رئيساً في بناء الأسر والمجتمعات، ومقصداً ضرورياً مـن مقاصـد الشـريعة الـتي فيهـا تحقيـق مصـالح العبـاد،

إذ أن الحيـاة الزوجيـة ضروريـة لحفـظ النـوع الإنسـاني، وبقـاء الذريـة، والتكاثـر البشـري، وتحقيـق العفـة والطهـارة والطمأنينـة والسـكن وحفـظ الأنسـاب، والغرائـز، لـذا كانـت أحـكام الشـريعة الإسـلامية المتعلقـة في بنـاء الأسـر، والحيـاة الزوجيـة والمجتمعات، ومـا ينتـج عـن الأسـر مـن حقـوق وواجبـات ومسـؤوليات علـى الأغلـب شـاملة ومفصلـة لهـا ليكـون النـاس علـى علـم بمـا هـو جائـز وغـير جائـز، ومـا هـو حـلال ومـا هـو حـرام، وذلـك حمايـة لأنفسـهم مـن الوقـوع في الحـرام أو المخالفـة الشـرعية أو المحظـورات ،ولعـل وفـاة الأزواج وموتهم ومـا يترتـب علـى تلـك الوفـاة والموت مـن آثـار متعـددة متعلقـة بحيـاة المتـوفى عنهـا زوجهـا سـواء كان بالأمـور الماليـة أو التعبديـة أو العلاقـات مـع الآخريـن، تعتـبر مـن الأمـور الضروريـة الـتي لا غـنى عنهـا لـكل امـرأة علـى الخصـوص ولـكل مسـلم بشـكل عـام. فهنـاك أحـكام شـرعية تتعلـق بالحـداد وأخـرى تتعلـق بالمـيراث، والسـكن والنفقـة والعـدة والـزواج

والخطبـة والخـروج والسـفر والعمـل وغيرهـا كثـير مـن التصرفـات الـتي جعـل لهـا الشـارع أحكامـا لا يجـوز الخـروج عنهـا.

أيها الأخوة والأخوات في الله: وسنتحدث اليوم عن أحكام الإحداد (وهو زمن العدة) بعد موت الزوج، التي يكثر سؤال النساء عنها، ويسأل عنها كثير من الناس، والإحدادَ هو: تربصٌ وانتظار، تجتنبُ فيهِ المرأةُ (المتوفى عنها زوجها) ما يدعو إلى جماعِها أوْ يرغبُ في النظرِ إليها منَ الزينةِ وما في معناها مدةً مخصوصةً في أحوالٍ مخصوصةٍ… إن الإحداد والعدة عباد الله تكريم للمرأة وأي تكريم، وليس حجراً عليها كما يظنه بعض الجهلة. وقبل أن يبعث نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، كانت العرب في جاهليتها تعرف الإحداد، لكن كان بصورة مزرية بشعة، فجاء الإسلام، ورفق بحال المرأة، وجعلها في الوضع المناسب لها، كانت المرأة في الجاهلية إذا توفي عنها زوجها تعمد إلى أسوأ مكان في بيتها، وتجلس فيه عاماً كاملاً، اثنى عشر شهراً، وتلبس من أخس ثيابها، ولا تغتسل ولا تتنظف ولا ترى شمساً ولا ريحاً، حتى إذا حال عليها الحول خرجت بأقبح منظر، فتؤتى بدابة – حمار أو شاة أو طائر، فتمسح به جلدها، فلا يكاد يعيش ذلك الحيوان بعدما تتمسح به، مما يجد من أوساخها النتنة وروائحها، هكذا كان الإحداد في الجاهلية الأولى. فجاء الإسلام بهذه الشريعة الربانية، وجعل من أحكام الإحداد ما فيه رفعة وشرف للمرأة

 ومنَ التعريفِ السابق يتضحُ لنا أنَّ أحكامَ الإحدادِ مما تختصُّ بها النساءُ دونَ الرجالِ، وهذا ظاهرٌ جليٌّ لكلِّ منْ تأملَ الحكمةَ التي منْ أجلِها شُرِعَ الإحدادُ، ومما يدلُّ على أنَّ الإحدادَ تختصُّ بهِ النساءُ دونَ الرجالِ ما صح في الحديث عنه  صلى الله عليه وسلم أنه قالَ: (لا يحلُّ لامرأةٍ تؤمنُ باللهِ واليومِ الآخرِ أنْ تحدَّ (وتعتد) على ميتٍ فوقَ ثلاثِ ليالٍ إلا على زوجٍ أربعةَ أشهرٍ وعشراً) وكذلكَ قوله صلى الله عليه وسلم: (لا تحدُّ امرأةٌ على ميتٍ فوقَ ثلاثٍ إلا على زوجٍ أربعةَ أشهرٍ وعشراً) فإن من الأحكام الواجبة على الزوجة بعد موت زوجها إذا مات عنها، سواء كان موته بعد الدخول بها أو قبله، وسواء كانت صغيرة أو كبيرة: أن تعتد أربعة أشهر قمرية وعشراً، إذا كانت غير حامل، وإن كانت حاملاً، فيجب أن تعتد حتى تضع حملها، سواء كانت عند موته في أول حملها أو في آخره، قال تعالى: (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) وقال في شأن من فارقها زوجها وهي حامل: (وَأُوْلَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ) وقال تعالى:(وَإِن كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ) أما عن الحكمة من هذه العدة، فيكفي أن الوحي المطهر جاء آمراً بها في الكتاب وفي السنة، وعلى المسلم التسليم بحكم الله، سواء عرف الحكمة أو بعضاً منها، أو لم يعرف منها شيئاً، وقد تلمس أهل العلم رحمهم الله عدداً من حكم الإحداد، وأسرار تشريعه، فمما عدوه في ذلك: أنه تعظيم لهذا العقد – عقد الزوجية – ورفع لقدره، ومنها تعظيم حق الزوج وحفظ عشرته، وليكون فارقاً بيّناً بين العلاقة الشرعية وبين العلاقة المحرمة التي لا قيمة لها ولا وزن، وللعلم ببراءة الرحم ونظافته، حتى لا تنكح وفي بطنها حمل. ومنها تطييب نفس أقارب الزوج ومراعاة شعورهم، ومنها سد ذريعة تطلع المرأة للنكاح أو تطلع الرجال إليها، ومنها أن الإحداد من مكملات العدة ومقتضياتها، ومنها: تأسف على فوات نعمة النكاح الجامعة بين خيري الدنيا والآخرة. وأخيراً من الحكم: موافقة الطباع البشرية، فإن النفس تتفاعل مع المصائب والنوائب، فأباح الله لها حداً تستطيع من خلاله التعبير عن مشاعر الحزن والألم بالمصاب، مع الرضى التام بما قضى الله وقدر..

عباد الله: وفي هذه المدة (فترة العدة) لا يحل لها أن تتزوج ولا يحل لأحد أن يصرح بخطبتها. أما التعريض بخطبتها بكلام يفهم منه أن الخاطب راغب فيها فلا حرج، وكذا من باب أولى إذا أضمر في نفسه الرغبة في نكاحها بعد انقضاء عدتها، قال تعالى: (وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُم بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاء أَوْ أَكْنَنتُمْ فِي أَنفُسِكُمْ عَلِمَ اللّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِن لاَّ تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّاً إِلاَّ أَن تَقُولُواْ قَوْلاً مَّعْرُوفًاً وَلاَ تَعْزِمُواْ عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّىَ يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ) وتبدأ العدة، منذ وفاة الزوج سواءً علمت المرأة بوفاة الزوج أو لم تعلم إلا بعد مدة؛ لأن ابتداء المدة يكون من حين الموت، فلو لم تعلم المرأة بموت زوجها إلا بعد مضي ثلاثة أشهر مثلاً، فإنه لا يتبقى عليها من العدة والحداد إلا شهر وعشرة أيام.

أيها المؤمنون: إن السنة النبوية جاءت مبينة جملة من المنهيات التي تحرم على المرأة

أثناء العدة بعد موت زوجها، فعَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ رضي الله عنها: أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لَا تحِدُ اِمْرَأَةٌ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ إِلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً، وَلَا تَلْبَسْ ثَوْباً مَصْبُوغًاً، إِلَّا ثَوْبَ عَصْبٍ، وَلَا تَكْتَحِل، وَلَا تَمَس طِيباً، إِلَّا إِذَا طَهُرَتْ نُبْذَةً مِنْ قُسْطٍ أَوْ أَظْفَارٍ، (وهما نوعان من البخور) فلا تلبس ثياباً تعد ثياب زينة مما يلفت الأنظار إليها، ويرغب في نكاحها، ولها أن تلبس ما تشاء من سواها، فلها أن تلبس الأسود والأحمر والأخضر وغير ذلك مما يجوز لبسه، وأما تخصيص اللون الأسود أو الأخضر، فلا أصل له في الشريعة.. كذلك على المرأة في العدة: أن تجتنب الطيب بجميع أنواعه بخوراً أو دهناً أو عطراً، أو غيرها؛ لأن الطيب من أعظم الدواعي إلى الترغيب في المرأة، ولأنه من أسباب الفتنة بها، لكن لا حرج عليها في تنظيف نفسها بالمنظفات عند الاغتسال أو الوضوء، وغيرهما، ولا بأس أن تتبخر بعد انقضاء حيضها لتقطع رائحة الدم الكريهة لا للتطيب للحديث المتقدم. كذلك على المرأة في العدة: أن تجتنب الخضاب بالحناء، ومثله استعمال مساحيق الزينة والمكياج التي تجمل بها وجهها وشفتها وأظافرها، كذا عليها اجتناب الكحل إلا من ضرورة لعلاج إذا لم تجد غيره، فتكتحل ليلاً وتغسله نهاراً، عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: (جعلت على عيني صبراً، بعد أن توفي أبو سلمة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنه يشب الوجه، فلا تجعليه إلا بالليل، وانزعيه بالنهار، ولا تمتشطي بالطيب، ولا بالحناء، فإنه خضاب، قلت: بأي شيء أمتشط؟ قال: بالسدر تغلفين به رأسك) وأما إذا حصل الانتفاع بغيره، فلا تكتحل لا ليلاً ولا نهاراً، لحديث أم سلمة أيضاً: أن امرأة قالت: يا رسول الله! إن ابنتي مات عنها زوجها وقد اشتكت عينها أفنَكحلُها؟ قال: (لا). كذلك تجتنب المرأة في العدة: لبس الحلي من الذهب والفضة والألماس ونحو ذلك، لأنه من الزينة، ولها أن تلبس الساعة لأنها ليست من الحلي، كذلك مما يلزم المرأة أثناء العدة: أن تمكث في البيت الذي كانت تسكن فيه مع زوجها، سواء كان بيت ملك أو إجارة حتى تنقضي عدتها، لحديث فريعة بنت مالك: أنها جاءتْ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلم تسألهُ أنْ ترجعَ إلى أهلِها بعد مقتل زوجها، لأن زوجها لم يترك لها مسكناً يملكه ولا نفقة؟ قالتْ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلم: نعم، قالت فانصرفتُ حتَّى إذا كنتُ في الحجرةِ أو المسجدِ ناداني رسولُ اللهِ أو أمرَ بي فنوديتُ له فقال كيف قلتِ؟ قالت: فردَّدتُ عليه القصةَ التي ذكرتُ له من شأنِ زوجي قال: امكُثي في بيتكِ حتَّى يبلغَ الكتابُ أجلَه، قالت: فاعتددْتُ فيه أربعةَ أشهرٍ وعشراً قالت، فلمَّا كان عثمانُ أرسلَ إليَّ فسألني عن ذلك؟ فأخبرتُه فاتبعَهُ وقضَى به. ..لكن يجوز لها الانتقال من بيت زوجها للضرورة، كأن يكون البيت معرضاً للهدم، أو لا جيران لها، فتخشى على نفسها اللصوص، أو أخرجها المالك، فهذه ضرورات والضرورات تبيح المحظورات.

كما يجوز لها الخروج المؤقت إذا دعت الحاجة لخروجها، كارتباطها بوظيفة، أو دراسة، أو اكتساب، أو للعلاج في المستشفى، ويكون خروجها نهاراً، وفي الليل تكون في بيتها، وتلتزم في خروجها بالحشمة واجتناب ما تقدم ذكره من أنواع الزينة والطيب والحلي.

أما إذا مات للمرأة قريب غير الزوج، كالأبوين والابن والأخ والأخت ونحوهما، فيجوز لها الإحداد إن أرادت ثلاثة أيام للحديث المتقدم.

اللهم فقهنا في الدين، وعلمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا إنك سميع الدعاء.

نفعني الله وإيّاكم بالقرآن العظيم، وبهديِ سيد المرسلين، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيمَ الجليل لي ولكم ولسائرِ المسلمين من كلّ ذنبٍ فاستغفروه، إنّه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

 

الحمد لله الرحيم الرحمـن الملك الديان، نحمده سبحانه يسأله من في السماوات والأرض كل يومٍ هو في شأن، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأزواجه وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد فيا أيها المسلمون والمسلمات: ومن المسائل المتعلقة بحداد المرأة وعدتها، والأمور الجائزة والأمور التي ابتدعت وأحدثت فيها: أولاً: أنه يجوز للمعتدة أن تغتسل متى شاءت، من غير تحديد يوم في الأسبوع أو الشهر، وبعض النساء تُحَدِّد يوم الجمعة، وهذا لا دليل عليه.. ثانياً: المعتدة من وفاة ممنوعة شرعاً من استعمال الطيب، لكن الصابون أو الشامبو المعطر لا يسمى طيباً، ولذلك فلا حرج عليها في استعمالهما، وإن تركته المعتدة فهو أولى. ثالثاً: يجوز لها أن تخاطب الرجال ولو من غير محارمها إذا احتاجت لذلك، إذا لم يكن هناك فتنة، أو خلوة، أو خضوع بالقول، ويمكنها أن ترد على الهاتف وعلى من يقرع باب بيتها.

رابعاً: ما يَذكرُه العامة من أن المحادة المعتدة لا تخرج إلى حوش البيت ولا إلى السطح، ولا تمشي في ضوء القمر حافية، ولا تنظر في المرآة، ولا تلمس الملح، فإنه خرافة لا أصل لها، بل لها أن تمشي في بيتها حافية ومنتعلة، وتطبخ طعامها، وطعام ضيوفها، وتمشي في ضوء القمر، وتنظر في المرآة، وتكشف شعرها ما لم تكن بحضرة أجانب.

خامساً: يظن بعض العامة أنه لا يجوز للمحادة المعتدة أن تؤخر الصلاة عن وقت الأذان، وأنه يجب عليها المبادرة من حين سماع المؤذن، وهذا لا أصل له في الشريعة.

سادساً: الأصل أن المحادة المعتدة تعتد في بيتها ولا تخرج منه إلا لحاجة أو ضرورة، لكن إذا كانت في بلد أو مكان لا يوجد فيه أقارب، وليس لها أولاد كبار بحيث لا تأمن على نفسها فيها، فإن لها أن تنتقل إلى بيت وليها أو إلى أي جهة تأمن على نفسها فيها بقية مدة إحدادها وعدتها إذا خافت على نفسها أو انتهاك حرمتها ولا يوجد عندها من يحافظ عليها.

سابعاً: الزيارات العائلية وزيارة الأقارب والذهاب معهم للولائم أو للنزهة أو للأعراس لا تعتبر من الحاجة والضرورة، فلا يجوز لها الخروج من أجل ذلك. ولكن يجوز لها من أجل قضاء حاجاتها الأساسية في النهار وخاصة الحاجات الضرورية التي لا غنى عنها ولا يوجد من يوفر لها تلك الحاجات، وليس لها الخروج ليلاً إلا للضرورة وذلك لأن الليل مظنة الفساد والتهمة، وأما النهار فهو مظنة قضاء الحوائج والمعاش وشراء ما يحتاج إليه.

وليـس لهـا المبيـت خـارج بيتهـا لمـا روى مجاهـد رحمه الله قـال: (استشهد رجال يوم أحد فجاء نساؤهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقلن: يا رسول الله: نستوحش بالليل فنبيت عند إحدانا حتى إذا أصبحنا بادرنا بيوتنا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تحدثن عند إحداكن ما بدا لكن فإذا أردتن النوم فلتأت كل امرأة إلى بيتها)

ثامناً: إذا كانت المحادة المعتدة مُدَرِّسة أو طالبة ولم تحصل على إجازة من أجل الإحداد والعدة فإن لها أن تذهب إلى المدرسة مع التزامها بما يجب عليها واجتنابها ما يحرم عليها ثم العودة إلى بيتها مباشرة.

تاسعاً: شاع عند بعض العامة أنه إذا انقضت مدة الإحداد خرجت المحادة المعتدة من البيت، وتصدقت على أول من يقابلها من الناس، أو أنها تذهب إلى البحر أو المسجد وتفتح عينيها هناك، كل هذا من البدع التي لا أصل لها في الشرع. نسأل الله أن يفقهنا وإياكم في دينه، وأن يجعلنا عند السراء من الشاكرين، وعند الضراء من الصابرين، وعند الزلات من المستغفرين. اللَّهمّ علّمنا الكتاب، والحكمة، وفقّهنا في الدين. وعلمنا ما ينفعنا في الدنيا والآخرة، واجعلنا من عبادك الفائزين.

 اللهم إنا نعوذ بك من الهم والحزن ونعوذ بك من العجز والكسل ونعوذ بك من الجبن والبخل ونعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال.

اللهم أعز الإسلام وانصر المسلمين، اللهم اجعل كلمتك هي العليا إلى يوم الدين.

اللهم أحفظ بلادنا وخليجنا واجعله آمناً مطمئناً سخاء رخاء وسائر بلاد المسلمين. اللهم وفق ولاة أمورنا لما تحب وترضى، وفق ملكنا حمد بن عيسى وولي عهده رئيس وزرائه سلمان بن حمد، اللهم أعنهم على أمور دينهم ودنياهم.  وهيئ لهم من أمرهم رشداً، وأصلح بطانتهم. ووفقهم للعمل الرشيد، والقول السديد، ولما فيه خير البلاد والعباد إنك على كل شيء قدير.. اللهم ارفعْ عنَّا البَلاءَ والوَباءَ والغلاء والرِّبا والزِّنا والفواحشَ والزَّلازلَ والمِحَنَ والفتنَ وسَيءَ الأسقَامِ والأمراضِ عن بلدِنا البَحرينِ خاصةً، وعن سَائرِ بلادِ المسلمينَ والعالم عامةً يا ربَّ العالمينَ. اللهم كن لإخواننا المستضعفين المظلومين في كل مكان ناصراً ومؤيداً، اللهم أحفظ بيت المقدس وفلسطين والمسجد الأقصى، وأحفظ أهله، وأحفظ المصلين فيه، واجعله شامخاً عزيزاً عامراً بالطاعة والعبادة إلى يوم الدين.

اللهم اغفر ذنوبنا، واستر عيوبنا، ونفس كروبنا، وعاف مبتلانا، واشف مرضانا، واشف مرضانا، وارحم موتانا، وارحم موتانا، برحمتك يا أرحم الراحمين.

الْلَّهُمَّ صَلِّ وَسَلَّمَ وَزِدْ وَبَارِكَ عَلَىَ سَيِّدِنَا وَنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَىَ آَلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِيْنَ.

(سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)

 

خطبة جامع الفاتح الإسلامي – عدنان بن عبد الله القطان – مملكة البحرين